الثلاثاء، 10 مارس 2015

رسالة محبة إلى كل أخ تكلم في العلماء و الدعاة


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد وبعــــــــــــــــــــــــد
أخي والله ما كتبت لك هذه الرسالة إلا من باب قوله عليه الصلاة والسلام " الدين النصيحة " وقوله عليه الصلاة والسلام " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " ومن باب السبق إلى الخير حيث وجد ومن باب التمسك بهذا المنهج مادامت هذه الأوداج تنبض ، والله أسأل لنا جميعا الثبات على هدي النبي العدنان عليه الصلاة والسلام حتى الممات
وأنا على يقين أنك تبادلني نفس الشعور وهو السعي الحثيث دائما لاصابة الحق أينما وجد ، وحيث ما وجد ، ما استطعنا لذلك سبيلا دون التعصب لشخص بعينه أو لمذهب معين وإنما التعصب لقال الله قال الرسول قال الصحابة ليس بالتمويه ، والله ولي التوفيق
ابتداء من المعلوم يقينا أننا لسنا مذهبيين ، بل نحن إن شاء الله على نهج الرعيل الأول الذي لم يُعرَف منهم أحدٌ كان قد تسمى أو تكنى بأنه بكري أو عمري أو عثماني أو علوي ، وهكذا نحن فلسنا حنبليين ولا شافعيين ولا مالكيين ولا حنفيين ، وكذلك لسنا ألبانيين ولا عثيميين ولا بازيين ولا وه00ين وبالتالي لسنا مدخليين ،وأنا على يقين أنك تشاطرني قولي هذا 0
والعلة في ذلك وإن كان هؤلاء العمالقة في العلم علماءَنا ونعترف لهم بالفضل والعلم إلا أنهم ليسوا معصومين ، فالعصمة دفنت يوم دفن صاحبها صلى الله عليه وسلم ، فنتبعهم ما وافقوا الكتاب والسنة ولهم أجران باجتهادهم ونخالفهم فيما أخطئوا فيه وإن كان لهم الأجر على اجتهادهم
ولهذا وجب علينا أن نكون ربانيين كما أمرنا ربنا تبارك وتعالى القائل { مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ }
وكما أمرنا رسول الكريم صلى الله عليه وسلم القائل ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض )
وقولُه عليه الصلاة والسلام " وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين : ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة " في رواية "هي التي تكون على ما أنا عليه وأصح00"
وبهذا أمرنا علماؤنا المعتبر بعلمهم ممن ذكرنا آنفا وغيرُهم
وهذا هو قول الشيخ ربيع بن هادي المُدخلي -حفظه الله-
والذي يتعصب إليه كثير من طلبة العلم حتى جعلوه هو المرجع عند الاختلاف والتنازع مخالفين بذلك كلام رب الأرباب القائل { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }
فقد قال الشيخ حفظه الله في كتاب «بيان فساد المعيار» (ص24) ما نصه :
«أنا لم أَدَّعِ العصمةََََ والكمالَ في شَيْءٍ من أعمالي العلمية -ولا غيرِها-.
ولا ادَّعى هذا أحدٌ مِن أهل العلم والعقل؛ فقد يقعُ العالِمُ في الأخطاء والمخالَفات الكثيرة للكتاب والسُّنَّة، فضلاً عن الأخطاء اللغوية والإملائية ...
وقد يكون إماماً في فَنٍّ مِن الفنون، فَتُوجد له كبوات في فنه؛ فهذا سيبويه إمامٌ في اللغة قد استدرك عليه ابن تيمية ثمانين خطأً.
وكم مِن فقيه له أخطاؤه؟!
وكم مِن مُحَدِّث ومفسِّر لهم أخطاؤهم الكثيرة!!؟
وكل هذه الأخطاء لا تضرُّ أصحابَها، ولا تحطُّ مِن مكانتهم؛ إذْ لا يَحُطُّ مِن مكانةِ الرَّجل إلا ارتكابُ الكبائر، أو اقتحامُ البدع، وعداءُ أهل السُّنَّة.
أقول وهذا هو منهج أهل السُّنَّة والجماعة.
من هذا المنطلق أبدأ حديثي إن شاء الله تعالى لعل الله تعالى يرزقنا الصوابَ والثبات
من المعلوم أنه ليس ضروريا أن تكونَ كلُ معصية بدعةً وكما أنه ليس كل من كان على غير سبيل المؤمنين يكون مبتدعا أيضا ، مثاله : شارب الخمرة وكذا الزاني والقاتل وغيرهم بأفعالهم هذه يكونوا قد ابتغوا طريقا غير طريق وغير سبيل المؤمنين ولكن لا نقول عنهم أنهم مبتدعة كما تعلم
لأن تعريفَ البدعة كما تعلمها هي طريقةٌ في الدين مُختَرَعةٌ تضاهي الشرعيةَ يُقصَدُ بالسلوك عليها المبالغةُ في التعبد لله سبحانه"
وهذه البدعة إما تكون في العقيدة وهي أخطرها أو في الفقه وقد يكون انسان متلبس ببدعة ولكن لا نقول عنه أنه مبتدع إما لأنه متأول أو لا يدعو إلى بدعته
وقد يكون إنسانٌ من أهل العلم عنده من العلم الشيءُ الكثير ولكن له أخطاءٌ اعتقاديةٌ أو فقهية
فهل نتركه ونترك جميع مؤلفاته أم نأخذ منه ما وافق الكتابَ والسنةَ وما خالفها نتركه ، وأقرب الأمثلة على ما قلناه الحافظان الجليلان ابن حجر والنووي وما كان منهما من بعض الأخطاء في العقيدة وللنظر أقوالَ أهل العلم فيهما
أجاب ابن عثيمين رحمه الله على سؤال وُجِّه إليه وهو ما قولُك في الحافظ ابن حجر والامامِ النووي الذي وقع منهما التأويلُ في بعض الأسماء والصفات وبعضِ الأخطاء العقدية ؟ فقال رحمه الله
" إن الشيخين الحافظين( النووي وابن حجر) لهما قدَمُ صدق ونفعٍ كبيرٍ في الأمة الإسلامية ولئن وقع منهما خطأٌ في تأويلِ بعضِ نصوص الصفات إنه لمغفورٌ بما لهما من الفضائلِ والمنافعِ الجمة ولا نظن أن ما وقع منهما إلا صادرٌ عن اجتهادٍ وتأويل سائغ ـ ولو في رأيهما
وأرجو اللهَ تعالى أن يكون من الخطأ المغفورِ
وأن يكون ما قدماه من الخير والنفع ، من السعي المشكور وأن يَصْدُقَ عليهما قولُ الله تعالى)ِإنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ )
والذي نرى أنهما من أهل السنة والجماعة، ويشهد لذلك خدمتُهما لسنة رسوله الله صلى الله عليه وسلم وحِرصُهما على تنقيتها مما ينسب إليها من الشوائب، وعلى تحقيق ما دلت عليه من أحكام ولكنهما خالفا في آيات الصفات وأحاديثها أو بعض ذلك عن جادة أهل السنة عن اجتهاد أخطئا فيه،
إلى أن قال : فنرجو الله تعالى أن يعامِلَهما بعفوه.
وسئل رحمه الله عن الخطأ في العقيدة هل يُخرِجُ صاحبَه من المنهج فأجاب رحمه الله في قسم العقيدة
أما الخطأ في العقيدة: فإن كان خطأً مخالفاً لطريق السلف، فهو ضلال بلا شك ولكن لا يُحْكَمُ على صاحبه بالضلال حتى تقومَ عليه الحجة، فإذا قامت عليه الحجة، وأصر على خطئه وضلاله، كان مبتدعاً فيما خالف فيه الحق، وإن كان سلفيًّا فيما سواه،
فلا يوصف بأنه مبتدعٌ على وجه الإطلاق، ولا بأنه سلفيٌ على وجه الإطلاق، بل يوصف بأنه سلفي فيما وافق السلف، مبتدع فيما خالفهم، كما قال أهل السنة في الفاسق: إنه مؤمن بما معه من الإيمان، فاسق بما معه من العصيان، فلا يُعطي الوصفُ المطلق ولا يُنفى عنه مطلق الوصف، وهذا هو العدل الذي أمر الله به، إلا أن يصلَ المبتدع إلى حد يخرجه من الملة فإنه لا كرامة له في هذه الحال .
وسئل أيضا رحمه الله : -كمثال- نجعل النووي و ابنَ حجر من غير أهل السنة والجماعة ؟ الشيخ: فيما يذهبان إليه في الأسماء والصفات ليسا من أهل السنة والجماعة .
السائل: بالإطلاق ليسا من أهل السنة والجماعة ؟ الشيخ: لا نطلق، ولهذا أنا قلت لك: إن من خالف السلفَ في صفات الله لا يُعطى الاسمَ المطلق بأنه من أهل السنة والجماعة ،
بل يقيد يقال: هو من أهل السنة والجماعة في طريقته الفقهية مثلاً، أما في طريقته البدعية فليس من أهل السنة والجماعة .
*- وسئل الألباني رحمه الله في سلسلة الهدى والنور هذا السؤال : من الناس من يرى فتح الباري من أعظم دواوين الاسلام وأجلِها فائدةً وأنه لا يستغني عنه طالبُ علمٍ وهناك اتجاه آخر لبعض طلاب العلم من الاخوة السلفيين يرون أن ابن حجر أفسد فتحَ الباري بتأويلاته في العقيدة التي تخالف منهج السلف وتوافق معتقدات المبتدعة ويقولن إن أمثالَ ابنِِ حجر والنووي وابن الجَوْزي وابنِ حزم ومن نحا نحوهم غيرُ جديرين بالمديح بل ولا بالتقدير بل يستحقون البغضَ في الله لمنهجهم الغير سوي ، فما قولكم في هذا الكلام ؟
فقال رحمه الله قولي أن هذا الكلامَ ناشىء من متحمسين
وليس من علماء المسلمين وهؤلاء جماعةٌ لا يمكن أن يكونوا عونا لتحقيق المجتمع الإسلامي إلا بالسيف وعندنا بالشام بقولوا كلمةً دينُ محمدٍ دينُ السيفِ وهذا كذب لأن دينَ محمدٍ دينُ إرشاد وهداية ودعوة ويسروا ولا تعسروا
وذكر حديثا للنبي صلى الله عليه وسلم قال فيه " مثل المؤمنِ كمثل الخامةِ من الزرع أو السنبلةِ تَفيئُها الرياحُ تُقومها تارةً وتَميلها أخرى " فهم يريدون عالما لا مَغمَزَ فيه
وكما قيل تريد صديقا لا عيب فيه وهل عودٌ يفوح بلا دخان
فهذا أمر مستحيل فالحافظ حافظ شاؤوا أم أبوا وإن كان تأولَ بعضَ الآيات أو بعضَ الأحاديث أو بعض الأسماء أو الصفات لا يُخسره هذا اللقب فيما هو متلبس فيه
فحسبنا أن نعترف لهذا الرجل بعلمه وفضله
نعم صحيح إن عنده بعضَ الانحراف ولكن ليس الانحرافُ كلَ الانحراف عن المنهج السلفي فنحن لا نريد أن نُخَسِّر العلمَ فضلَ وعلمَ هذا الرجل بسبب هذا الانحراف الموجود فيه
وهذا الكلام أي الطعن في الحافظ يصدر من أناس نشأؤوا حديثا في الدعوة التي نسميها الدعوةَ السلفية دعوة الرجوع إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ولكنهم ما درسوا الكتاب والسنة ما يعلمون أن أي عالم هم يشيرون إليه بالبنان أنهم سوف يجيدون في بعض كتبه أو بحوثه شيئا من الانحراف ونحن نأخذ الآن مثالا آخر وهو ماذا يقولون في الرجل العظيم أميرِ المؤمنين في الحديث عندما يقول إن لفظي بالقرآن مخلوق هل نسقطه ونسقط صحيحه بهذه المقولة التي خالف فيها إمامه في الحديث وفي العقيدة الامام أحمد هل نرد هذا الفضل بمثل هذه الذلة
والله تعالى يقول ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا –
هؤلاء ليسوا متقين ، هؤلاء من أهل الأهواء هؤلاء من أهل الخوارج القدامى فإنهم لم يموتوا بل الخروج تسلسل حتى وصل إلى يومنا هذا ولا نزال نسمع بهذا ما بين آونة وأخرى وهؤلاء هم كانوا سببا في تأخير الدعوة
وللألباني رحمه الله مقتطفات طيبة في هذا المجال تكتب بمداد من ذهب ، فلأهميتها العظمى في هذا الباب – باب القدح في أهل العلم ولو وقع أحدهم بزلل بسيط – أتناول بعضا منها
*- يصرح الألباني -رحمه الله تعالى- بعد أن قرر أصل العذر في العقيدة والفقه بلا فرق وأن المجتهد المخطئ مأجور بكل حال :
- إن كان ابتغى وجه الحق والصواب فأخطأه –
يصرح رحمه الله فيقول " فلا يجوز أن يقال إنه ليس من أهل السنة بمجرد أنه وقع في خطأ ..أو..وقع في بدعة ... لا فرق إذن بين عالم يقع في استحلال ما حرم الله باجتهاد هو مأجور عليه وبين عالم وقع في بدعة دون أن يقصدها وإنما قصده السنة فأخطأها ..لذلك فنحن نشكو الآن من هذه الثورة التي ثارت في السعودية بين أهل السنة أنفسهم حيث ظهر فيهم من يظن بأنه خالف أهل السنة في بعض المسائل فبَدَّعوه وأخرجوه عن أهل السنة »، ثم قال بعد أن سئل عن قضية إقامة الحجة قال : «فإن عاند وأصر فيُبَدَّع، أما إذا قال لم يظهر لي وجه الصواب فيما تقولون، بل هو يعكس ذلك عليهم وهو يخطئهم بدوره فتبقى المسألة مسألة خلافية بينهم وبينه
وألزم من خالف هذه القاعدة ، قاعدة العذر وأنه ليس كل من وقع في البدعة وقعت عليه البدعة، بأن يبدع أئمة من الأعلام السابقين حيث قال :« أنت تعلم أن هناك في بعض الأئمة المتبعين اليوم والذين لا يشك عالم مسلم -عالم حقا -بأنه مسلم وليس هذا فقط بل وعالم فاضل، ومع ذلك فقد خالف الكتاب والسنة وخالف السلف الصالح في غير ما مسألة أعني بذلك مثلا النعمان بن ثابت أبا حنيفة رحمه الله الذي يقول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، ويقول لا يجوز للمسلم أن يقول أنا مؤمن إن شاء الله، وأنه إذا قال إن شاء الله فليس مسلما، لا شك أن هذا القول بدعة في الدين لأنه مخالف للكتاب والسنة، لكن هو ما أراد البدعة، هو أراد الحق فأخطأه، لذلك ففتح هذا الباب من التشكيك في علماء المسلمين سواء كانوا من السلف أو من الخلف، ففي ذلك مخالفة لما عليه المسلمون وربنا عز وجل يقول في القرآن الكريم : { وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً } (النساء:115) »( سلسلة الهدى والنور (666) الوجه الأول).
أقول وليس كل من وقع في البدعة يكون مبتدعا ، كما أنه ليس كل من وقع في الكفر يكون كافرا!
فلابد من التفريق بين الحكم على الفعل والحكم على الفاعل، لأن الحكم على المعين لابد أن تتوفر فيه شروط وأن تنتفي عنه موانع، وبالنسبة للبدعة لا بد أن ينظر في المسألة من حيث درجة الوضوح والخفاء في ميزان النصوص الشرعية ، وفي الشخص هل كان مجتهدا طالبا للحق أو كان مقلدا أو معاندا؟ وهل كان منتسبا لأهل السنة أو لا؟ وأن ينظر -حسب ما سأنقله عن الألباني رحمه الله - في ما غلب على الرجل وفي منهجه الكلي لا في بعض القضايا الجزئية، وهذه بعض نصوصه :
قال رحمه الله:«إذا كان هذا المخالف يخالف نصا أولا: لا يجوز اتباعه، وثانيا لا نبدع القائل بخلاف النص وإن كنا نقول إن قوله بدعة، وأنا أفرق بين أن تقول فلان وقع في الكفر وفلان كفر، وكذلك فلان وقع في البدعة وفلان مبتدع، فأقول فلان مبتدع مش معناه وقع في بدعة، وهو مَن شأنه أنه يبتدع، لأن مبتدع اسم فاعل، هذا كما إذا قلنا فلان عادل ليس لأنه عدل مرة في حياته، فأخذ هذا اسم الفاعل، القصد أن المجتهد قد يقع في البدعة-ولا شك-لكن لا ألومه بها ولا أطلق عليه اسم مبتدع، هذا فيما إذا خالف نصا»( سلسلة الهدى والنور (850) الوجه الثاني).
ومن التطبيقات العملية لهذه القاعدة عند الشيخ دفاعه عن الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- ورده على الشيخ مقبل -رحمه الله -الذي ضلله حيث قال: «سامحه الله، نحن بلا شك لا نؤيد الانضمام إلى أي جماعة، خاصة إذا كانوا معروفين بالمروق عن الشريعة ، لكن نحن نتصور أن المسألة قابلة للاجتهاد، فأنا أظن في السيد رشيد رضا وهو قد خدم الإسلام خدمة جليلة، نظن به أن انضمامه إلى الماسونية إنما كان باجتهاد خاطئ منه، ولم يكن لمصلحة شخصية كما يفعله كثير ممن لا خلاق لهم ، فنسبته إلى الضلال لأنه صدر منه خطأ وضلال هذا أظن توسع غير محمود في إطلاق الضلال على مثل هذا الرجل، الذي في اعتقادي له المنة على كثير من أهل السنة في هذا الزمان بسبب إشاعته لها ودعوته إليها في مجلته المعروفة بالمنار حتى وصل أثرها إلى بلاد كثيرة من بلاد الأعاجم المسلمين ، لذلك أرى أن هذا فيه غلو من الكلام ما ينبغي أن يصدر من مثل أخينا مقبل، وعلى كل حال :" تريد مهذبا لا عيب فيه وهل عود يفوح بلا دخان "»( سلسلة الهدى والنور (42) الوجه الثاني).
وعرض عليه رحمه الله الكلام الآتي :« كما أنه ليس كل من أتى بكفر فهو كافر، وليس كل من أتى بفسق فهو فاسق، وليس كل من أتى بجاهلية فهو جاهلي أو جاهل، وكذلك ليس كل من أتى ببدعة فهو مبتدع، لأن ثمة فرقا عند أهل السنة بين من وقع في البدعة وبين من أحدث البدعة وتبناها ودعا إليها وهذا أمر متفق عليه»، فقال الألباني:« هو كذلك بلا شك ولا ريب»، ثم قال: «هذا الكلام صحيح جدا»، وأيده ببعض الأدلة على العذر ورد على من فرق بين الأصول والفروع ثم قال :« ولذلك فإذا كان هناك رجل عالم مسلم أخطأ في مسألة ما سواء كانت هذه المسألة أصولية أو عقدية أو كانت حكما شرعيا فرعيا فالله عز وجل لا يؤاخذه إذا علم منه أنه كان قاصدا معرفة الحق»( سلسلة الهدى والنور (795) الوجه الأول.).
ومن الموانع أيضا من إسقاط حكم الابتداع على من وقع في البدعة إضافة إلى قاعدة العذر : النظر في الحال الغالبة على العالم وإقامة الموازنة العادلة بين أخطائه وصوابه-ما دام المراد تقويمه-، وقال رحمه الله مقررا هذا المعنى :« لا غرابة في أن يخطئ من كان إماما في دعوة الحق ، فإذا أخطأ في مسألة أو أخرى في مسألتين أو ثلاث أو أكثر فذلك لا يخرجه عن دعوة الحق إذا تبناها، الحافظ ابن حجر والإمام النووي وغيره ممن أخطؤوا في بعض المسائل العقدية كما يقولون اليوم، فذلك لا يخرجهم عن كونهم من أهل السنة والجماعة، لأن العبرة بما يغلب على الإنسان من فكر صحيح أو عمل صالح، متى يكون المسلم صالحا ؟ هل يشترط كي يكون صالحا أن لا يقع منه أي ذنب أو معصية؟ الجواب لا، بل من طبيعة الإنسان أن يقع منه الذنب والمعصية مرارا وتكرارا ، فمتى يكون العبد صالحا؟ إذا غلب خيره شره وصلاحه ضلاله، وهكذا كذلك تماما يقال في المسائل العلمية، سواء كانت هذه المسائل العلمية مسائل عقدية أو فقهية، فإذا كان هذا العالم يغلب عليه العلم الصحيح فهو الناجي، وأما أنه له زلة أو زلات في الفقه أو في العقيدة فهذا لا يخرجه عما غلب عليه من العقيدة الصحيحة ..فابن حجر مع ما ذكرت مما له من تلك الزلات فلا يعني ذلك أنه لا ينبغي أن نستفيد من كتابه وأن لا نترحم عليه وأن لا نحشره في زمرة علماء المسلمين المتمسكين بالكتاب والسنة « (سلسلة الهدى والنور (727) الوجه الأول ).

ومن القواعد الفاسدة أخي الكريم التي تبناها الغلاة في العصر الحاضر قاعدة التسلسل في التبديع أو قاعدة "أَلحِقهُ به"، وهي قاعدة مخالفة لأصول عظيمة من أصول الدين والمنهج الحق أولها قاعدة العذر ، وكذلك هي مبنية على تقديس آراء الرجال ونسبة بعض المشايخ إلى العصمة، وترتكز على إلزام الناس بما لم يلزمهم به الله عز وجل ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .
وقد بين الشيخ الألباني-رحمه الله- فسادها إذ سئل عن صحة هذه القواعد: "من لم يكفر الكافر فهو كافر، ومن لم يبدع المبتدع فهو مبتدع، ومن ليس معنا فهو ضدنا"، فقال على سبيل التعجب والإنكار:« من هو صاحب هذه القواعد ومن قعدها؟!!» ، ثم قص قصة أحد المنتسبين إلى العلم في ألبانيا كيف كفَّر من لم يهيئ له نعله للخروج من الدار حيث قال-واللفظ للألباني- :« هذا كفر لأنه لم يحترم العالم ، ومن لم يحترم العالم لا يحترم العلم ، والذي لا يحترم العلم لا يحترم من جاء بالعلم ، والذي جاء بالعلم هو محمد - صلى الله عليه وسلم - وهكذا سلسلها إلى جبريل إلى رب العالمين فإذا هو كافر ». ثم قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى :« ليس شرطا أبدا أن من كفَّر شخصا وأقام عليه الحجة أن يكون كل الناس معه في التكفير ، لأنه قد يكون هو متأولا، ويرى العالم الآخر أنه لا يجوز تكفيره ، وكذلك التفسيق والتبديع، فهذه الحقيقة من فتن العصر الحاضر ومِن تَسَرُّع بعض الشباب في ادعاء العلم، المقصود أن هذا التسلسل وهذا الإلزام غير لازم أبدا، هذا باب واسع قد يرى عالم الأمر واجبا ويراه الآخر ليس كذلك ، وما اختلف العلماء من قبل ومن بعد إلا لأنه من باب الاجتهاد، لا يلزم الآخرين أن يأخذوا برأيه ، الذي يلزم بأخذ برأي الآخر إنما هو المقلد الذي لا علم عنده وهو الذي يجب عليه أن يقلد ، أما من كان عالما فالذي كفّر أو فسّق أو بدّع ولا يرى مثل رأيه فلا يلزمه أبدا أن يتابع ذلك العالم» (سلسلة الهدى والنور (778) الوجه الأول.).
ومحل الإنكار هو تعميم هذه القاعدة إلى كل من يُحكم عليه بالكفر والبدعة حتى من يُحكم عليه بنظر واجتهاد كما هو واضح في كلام الألباني رحمه الله ، أما من لم يكفر النصراني واليهودي وصحح دينه فهذا لا شك أنه يقال عنه كافر، وكذلك من لم يبدع المعتزلي الذي ينكر رؤية الله وعذاب القبر، ويخلد أهل الكبائر في النار ويقول بخلق القرآن ويعطل الصفات، والرافضيُّ الذي يشتم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويدعي العصمة في آل البيت، فهذا لا يشك في ابتداعه، وقد بدع السلف من وقف في القرآن، وقال لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق ، أما الغلاة في زماننا فيكفرون فلانا وهو عند عامة الناس من المسلمين، ويبدعون علانا وهو عند غيرهم سني سلفي بنظر قد يكون صحيحا أو خاطئا (وهو في الغالب خاطئ)، ثم يطبقون القاعدة على عموم الناس من لم يكفر الكافر -في رأيهم- فهو كافر ، ومن لم يبدع المبتدع -في ظنهم - فهو مبتدع .
ومن وافقهم في تكفير فلان وتبديع علان ، لكنه يخالفهم في تكفير من أبى تكفير فلان، وفي تبديع من أبى تبديع علان، فإنهم يلحقونه بهم لأنه استقر عندهم كفرهم وابتداعهم ولا يجوز للناس نظر غير نظرهم ولا اجتهاد غير اجتهادهم، نعوذ بالله من الضلال.
- قال العلامة الألباني رحمه الله :« أنا كثيرا ما أُسأل ما رأيك في فلان ؟ فأفهم أنه متحيز له أو عليه ، وقد يكون الذي يسأل عنه من إخواننا ، وقد يكون من إخواننا القدامى الذين يقال إنهم انحرفوا ، لكن يا أخي ، ماذا يهمك بزيد أو عمرو ؟ استقم كما أمرت ، تعلم العلم ، هذا العلم سيميز لك الصالح من الطالح والمخطئ من المصيب ، ثم لا تحقد على أخيك المسلم لمجرد أنه أخطأ أو انحرف في مسألة أو اثنتين ، لكن المسائل الأخرى ما انحرف فيها ، فنحن نجد في تراجم (أهل) الحديث من يقبلون حديثه ويقولون عنه في ترجمته أنه مرجئي أو خارجي أو ناصبي ، كلها عيوب وضلالات، لكن عندهم ميزان يتمسكون به ولا يرجحون كفة سيئة على الحسنات ، أو سيئتين أو ثلاث على جملة حسنات ، ومن أعظمها لا إله إلا الله » (سلسلة الهدى النور (784).).
وتأمل أخي في الله جوابه رحمه الله لسؤال من قال: «هل يشترط في المجدد أن يكون سالما من كل بدعة ؟» حيث قال : «ومن الذي يسلم من كل بدعة » سلسلة الهدى النور (791) الوجه الأول .
ولهذا لما سئل رحمه الله هذا السؤال
الشيخ عدنان العرعور أُطلق عليه أنه مبتدع وأنه حزبي بغيض وحُذِر منه وشُهِرَ به على الأشهاد فبحكم معرفته بكم واتصاله الوثيق بكم فهل تعرفون من هذا على عدم سيره على منهج السلف فنتبرأ منه ونحذر منه ؟
فبماذا أجاب رحمه الله ؟ قال : أحذركم من أن تتبرؤوا منه ففيما علمت أنه معنا على الدرب على المنهج والتبرأ منه هو التبرأ من دعوته وهذا لا يجوز

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :«لكننا نقول كل إنسان له قدم صدق في الأمة الإسلامية من أول الأمة إلى آخرها، لا شك أنه يحمد على ما قام به من الخير، وثانيا نقول كل إنسان مهما بلغ من العلم والتقوى فإنه لا يخلو من زلل سببه إما الجهل أو الغفلة أو غير ذلك، لكن المنصف كما قال ابن رجب رحمه الله في خطبة كتابه القواعد : » المنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه«، ولا أحد يأخذ الزلات ويغفل عن الحسنات إلا كان شبيها بالنساء، فإن المرأة إذا أحسنت إليها الدهر كله ، ثم رأت منك سيئة قالت : لم أر خيرا قط . ولا أحد من الرجال يحب أن يكون بهذه المثابة أي مثابة الأنثى يأخذ الزلة الواحدة وينسى ويغفل عن الحسنات الكثيرة ... لكن عندما نريد أن نقوم الشخص يجب أن نذكر المحاسن والمساوئ لأن هذا هو ميزان العدل« (/ لقاء الباب المفتوح الشريط (111) الوجه الأول، وانظر الشريط (121) و(127) من السلسلة نفسها، والتعليق على مقدمة المجموع للنووي الشريط الثاني الوجه الثاني.
قال ابن القيم رحمه الله: « وهذا أمر معلوم عند الناس مستقر في فطرهم أن من له ألوف من الحسنات فإنه يسامح بالسيئة والسيئتين ونحوها» مفتاح دار السعادة لابن القيم (1/176). .
وقال ابن رجب رحمه الله :« إن أكثر الأئمة غلطوا في مسائل يسيرة، مما لا تقدح في إمامتهم وعلمهم، فكان ماذا؟
فلقد انغمر ذاك في محاسنهم وكثرة صوابهم، وحسن مقاصدهم ونصرهم للدين» مجموع الرسائل لابن تيمية (2/637).
، بل قال ابن تيمية-رحمه الله-:« ومن جعل كل مجتهد في طاعة أخطأ في بعض الأمور مذموما معيبا ممقوتا فهو مخطئ ضال مبتدع »( مجموع الفتاوى لابن تيمية (11/15).). وقال:« الجاهل في كلامه على الأشخاص والطوائف والمقالات بمنزلة الذباب الذي لا يقع إلا على العقير (أي الجريح) ولا يقع على الصحيح، والعاقل يزن الأمور جميعا هذا وهذا »( منهاج السنة لابن تيمية (6/150).).
ومن المعلوم أيضا لدى علماء السلف أن من أخطأ في جزئية لم يخرج من السلفية أو خالف في جزئية من الجزئيات، لم يجز لنا أن نحكم عليه بالبدعة والخروج من طريق السنة ومنهج السلف لمجرد ذلك، كما لا نحكم عليه بمثل ذلك بالخروج من الإسلام،
ولشيخ الاسلام ابن تيمية كلام كثير في هذا المقام أختصر على سرد بعض منها
*- قال رحمه الله في (مجموع الفتاوى 7/619) " إن القولَ قد يكون كفراً ولا يكفر الشخصُ المعين حتى تقومَ عليه الحجةُ
وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا : أَنَّ الْقَوْلَ قَدْ يَكُونُ كُفْرًا كَمَقَالَاتِ الجهمية الَّذِينَ قَالُوا : إنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَرَى فِي الْآخِرَةِ ؛ وَلَكِنْ قَدْ يَخْفَى عَلَى بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ كُفْرٌ فَيُطْلِقُ الْقَوْلَ بِتَكْفِيرِ الْقَائِلِ ؛ كَمَا قَالَ السَّلَفُ مَنْ قَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ وَمَنْ قَالَ : إنَّ اللَّهَ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ فَهُوَ كَافِرٌ وَلَا يَكْفُرُ الشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ كَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَ الصَّلَاةِ . وَالزَّكَاةَ وَاسْتَحَلَّ الْخَمْرَ ؛ وَالزِّنَا وَتَأَوَّلَ . فَإِنَّ ظُهُورَ تِلْكَ الْأَحْكَامِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَعْظَمُ مِنْ ظُهُورِ هَذِهِ فَإِذَا كَانَ الْمُتَأَوِّلُ الْمُخْطِئُ فِي تِلْكَ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ إلَّا بَعْدَ الْبَيَانِ لَهُ وَاسْتِتَابَتِهِ - كَمَا فَعَلَ الصَّحَابَةُ فِي الطَّائِفَةِ الَّذِينَ اسْتَحَلُّوا الْخَمْرَ - فَفِي غَيْرِ ذَلِكَ أَوْلَى وَأَحْرَى
وقال أيضًا فإن السلف أخطأ كثير منهم في كثير من هذه المسائل – أي في العقيدة - ، واتفقوا على عدم التكفير بذلك،
مثلما أنكر بعضهم أن يكون المعراج يقظة،
وكان القاضي شُرَيْح ينكر قراءة من قرأ‏:‏ ‏{‏بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ‏}‏ ويقول‏:‏ إن الله لا يعجب، فبلغ ذلك إبراهيم النَّخَعِي‏.‏ فقال‏:‏ إنما شريح شاعر يعجبه علمه، فهذا قد أنكر قراءةً ثابتة، وأنكر صفة دل عليها الكتاب والسنة، واتفقت الأمة على أنه إمام من الأئمة، وكذلك بعض السلف أنكر بعضهم حروف القرآن، مثل إنكار بعضهم قوله‏:‏ ‏{‏ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ ‏}‏ ‏، وقال‏:‏ إنما هي‏:‏ أولم يتبين الذين آمنوا، وإنكار الآخرِ قراءةَ قولهِ‏:‏ ‏{‏وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ‏}‏ ‏، وقال‏:‏ إنما هي ‏:‏ ووصى ربك‏.‏ وبعضهم كان حذف المعوذتين،
وهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيث كان يحك المعوذتين من المصاحف ويقول : إنهما ليستا من القرآن فلا تجعلوا فيه ما ليس منه
و ذهب فيما يرى أهل النظر إلى أن (المعوذتين) كانتا كالعوذة و الرّقية و غيرها، و كان يرى رسول اللّه، صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، يعوّذ بهما الحسنَ و الحسينَ و غيرَهما ، كما كان يعوّذ بأعوذ بكلمات اللّه التّامة ، و غير ذلك، فظنّ أنهما ليستا من القرآن، و أقام على ظنّه
وهذا خطأ معلوم بالإجماع والنقل المتواتر، ومع هذا فلما لم يكن قد تواتر النقل عندهم بذلك لم يكفروا، وإن كان يكفر بذلك من قامت عليه الحجة بالنقل المتواتر‏.‏
*- واتفق علماء المسلمين على أنه لا يُكَفَّرُ أحدٌ من علماء المسلمين المنازعين في عصمة الأنبياء، والذين قالوا‏:‏ إنه يجوز عليهم الصغائر والخطأ ولا يقرون على ذلك ، ولو كفر هؤلاء لزم تكفير كثير من الشافعية، والمالكية، والحنفية، والحنبلية، والأشعرية، وأهل الحديث، والتفسير، والصوفية، الذين ليسوا كفارًا باتفاق المسلمين، بل أئمة هؤلاء يقولون بذلك‏.‏
أقول أخي الكريم: الفيصل عند التنازع والخلاف ليس هو المرجع إلى الشيخ فلان أو فلان وإنما هو ما أرشدنا الله إليه { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } الآية
وقد جاء في الأثر المنقول عن الليث رحمه الله أنه كان يقول: لو رأيت صاحب هوىً يمشي على الماء فلا تغتر به حتى تعرض أمره على الكتاب والسنة. فالشافعي رحمه الله يقول: قَصَّرَ الليثُ ! بل لو رأيت صاحب هوىً يطير في الهواء فلا تغتر به حتى تعرض أمره على الكتاب والسنة.الشاهد أنهم اتفقوا عرضه على الكتاب والسنة وليس على أحد من الأئمة
ولهذا أخي في الله لقد كان من النتائج الحتمية لإنكار الغلاة قاعدة الموازنة – أي التوسط في الأمور من غير إفراط أو تفريط - أن أصبحوا يبدعون الناس بالخطأ والخطأين والزلة والزلتين ، وصار كل من رام الدفاع عن إمام من الأئمة يُشهَر في وجهه سلاح تحريم الموازنة التي عدها الغلاة -لا العلماء- بدعة من أخطر البدع، وهذا هو مذهب الخوارج الذي ليس في منهجهم التوسط وإنما هم في إحدى الضلالتين إفراط أو تفريط ، وللعلامة الألباني رحمه الله نصوص كثيرة في بيان القاعدة المشار إليها، نذكر منها ما يأتي :
قال الشيخ رحمه الله إذا كنا نتكلم في المنهج السلفي والدعوة السلفية ، إذا ثبت أن شخصا ما في مسألة ما خرج عن منهج السلف الصالح ، نحن لا نحكم عليه بأنه خرج عن دائرة السلف ، ولكننا نقول في هذه المسألة خالف السلف كما قلنا في الأول الذي خالف الإسلام في مسألة أنه خالف الإسلام، لكننا لا نخرجه في كلا الحالتين من دائرة الإسلام أو من دائرة السلفية ».
ويقول رحمه الله كثيرا ما سئلت عن الأحزاب القائمة اليوم، وبخاصة حينما ينصون على حزب الإخوان المسلمين هل تعتبرهم من الفرق الضالة ؟ فأقول : لا لأن هؤلاء أقل ما يقال فيهم إنهم يعلنون تبعا لرئيسهم الأول حسن البنا أنهم على الكتاب والسنة وعلى فهم السلف الصالح ، وإذا كانت هذه دعوى تحتاج إلى تأصيلها قولا وتطبيقها عملا ، وذلك ما لا نراه فعلا في الجماعة، ولكن نحن نكتفي منهم أنهم يعلنون الانتماء إلى الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ، ولكنهم يخالفون ذلك في قليل أو كثير وفيهم أفراد وهم معنا في العقيدة لكنهم ليسوا معنا في المنهج ، ولذلك فأنا شخصيا على الأقل لا أجد رخصة لأحد أن يحشرهم في زمرة الفرق الضالة ، وإنما هم يخالفوننا في مواضع طالما نخالفهم ونجادلهم فيها ، أما أنهم يستحقون بها أن نخرجهم إلى فرقة من الفرق الضالة، لا، لأن هؤلاء ما اتخذوا لهم منهجا على خلاف الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح كما هو شأن الفرق الأخرى المعروفة منذ القديم» (سلسلة الهدى والنور (849) الوجه الثاني.).
وقال الألباني رحمه الله في موضع آخر:« انحرافهم عن العلم في موضوع ما أو منهج ما لا يعني الحكم عليهم بالانحراف في كل مناهجهم، مثلا أنت تعلم جيدا أن أكثر علماء المسلمين المتمذهبين أكثرهم لا يعتنون بنقد الأحاديث وتمييز صحيحها من ضعيفها، هذا يخالف منهج أهل الحديث، يخالف منهج أهل السنة، يخالف أحاديث صحيحة وصريحة، فنحن نكتفي بانتقادهم والاعتراض عليهم من هذه الزاوية، لكن ذلك لا يسوغ لنا أن نخرجهم من الجماعة التي تدين بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، فإذا قال قائل منهم:"بلاش"منهج السلف الصالح خرج عن الجماعة، أما الشذوذ والانحراف في بعض الجزئيات ..فهذا لا يخرجهم عن الدائرة»( سلسلة الهدى والنور (851) الوجه الأول.
. ولولا هذه القاعدة لما سلم أحد من أعلام الإسلام وعلمائه، فإنه لا يخلو بشر من زلة وخطأ، بل ولا يسلم لنا حتى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولكن الله تعالى زكاهم ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، فعلمنا أن الأخطاء الجزئية لا تقدح في العدالة في حق الصحابة وفي غيرهم والله أعلم .
أقول أخي الكريم أين هذا الكلام من أحداث الأسنان في هذا الزمان الذين لم يتركوا أحدا إلا وجرحوه وقذفوه بالبدع بل حتى كادوا يخرجوه من ملة الاسلام والله المستعان
وقد اقتفى أثر الشيخ رحمه الله تلاميذه من بعده وعلى رأسهم الشيخ علي الحلبي حفظه الله والذي جُرِّح وبدِّع بل كادوا أن يخرجوه من دائرة الإسلام والله المستعان
وقبل أن أحكم على الشخص بشيء ما علينا أولا إلا أن نستمع إلى أقواله ثم ننظر إلى أفعاله فإن خالف الكتاب والسنة في جميع أقواله وأفعاله أو في معظمها، فهذا لا يكون منتميا لهما أي للكتاب والسنة
فهل الشيخ علي الحلبي كذلك ؟ فلنستمع إلى أقواله حفظه الله ورعاه
" أنَّ الدّعوةَ السلفيّةَ الحقّةَ لم تكن يوماً -ولن تكون- بإذن اللهِ- (شركة تجاريّة)! أو (هُوِيّة حزبيّة)!! وإنما هي دعوةٌ ربّانيَّة؛ تستقي ماءَ وجودها مِن نبع الكتاب والسّنَّة المَعين، ولا بقاء فيها إلا للهَدْي الصَّافي الأمين.
{ فأمّا الزّبدُ فيذهبُ جُفاءً وما ينفع النّاس فيمكث في الأرض } )).
وقال ((إن النسبةَ إلى السلف شرفٌ وعِزٌّ وَفَخارٌ لكل مَن آمن بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى اله عليه وسلم-.
وعليه؛ فَمَنْ عَلِمَ أن أساسَ السلف -وأصلَهم- هم أصحابُ رسول الله -صلى اله عليه وسلم- الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه؛ وهم جيل القدوة الذين تربَّوا على عين رسول الله -صلى اله عليه وسلم-، وهم فوقنا في كل خير، ونحن لهم تبع، وسبيلُهم من سبيل رسول الله -صلى اله عليه وسلم-؛ كما قال -تعالى-: {ومَن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نُوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً}: تبيَّنْ له أن اتباع سبيل المؤمنين -وهم الصحابة رضي الله عنهم- واجب شرعي؛ لأن تنكُّب سبيلِهم سببٌ للضلال في الدنيا والهلاك في الآخرة { نُوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً }.
وإنَّ مِنْ أظهرِ علامات أهلِ السنة حُبَّ الصحابة والترضِّي عنهم، وبُغض من يبغضهم،
وعليه؛ فمن قال: أنا لست سلفياً -إن كان يعلم حقيقة ما يقول
فقد سَفِهَ نفسه؛ لأن الصحابة على مِلَّة إبراهيم ومِلَّة محمد -صلى الله عليه وسلم- قال -تعالى-: {ومَن يرغب عن ملّة إبراهيم فقد سفه نفسه}،
وهؤلاء المتبرؤون المحاربون للسلفية قد حشروا أنفسهم في حزب الشيطان؛ لأن السلفية تطبيق عملي حي لأصحاب الصراط المستقيم -الذين أنعم الله عليهم قديماً وحديثاً-، والذين قال الله فيهم: {ومَن يُطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقا}.
ومن خالفهم فقد أبى دخول الجنة وأبى إلا أن يكون من أَتباع السبل الهَلكَى -حتى لو كانوا الأكثر، فالحق لا يعرف بالكثرة قال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «افترقت اليهود والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين كلها في النار إلا واحدة»، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: «هم الجماعة».
وفي رواية: «هم الذين على مثل ما أنا عليه اليوم وأصح00».
فمن كان يَنْشُدُ النَّجاة والهداية، ويأبى أن ينهج ما كان عليه رسولُ الله -صلى اله عليه وسلم- وأصحابُه فإنّه مُصيبُهُ -ولا بُدَّ- وعيد الآية المتقدمة { نُوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً }، ووعيدُ قولِه -عليه السلام-: «كلُّ أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى»، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: «من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى».
والدّعوة السلفية المباركة -بحمد الله- تسعى جاهدة لتحقيق ذلك عملياً في دنيا الناس،
إن الدعوة السلفية هي دعوة محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابهِ، وأن حركتها -إن صحّ هذا الوصف!- قائمة على الدعوة إلى الله على بصيرة، وبالحكمة والموعظة الحسنة- جمعاً، وتأليفاً، وتوحيداً لكلمة المسلمين على كلمة التوحيد- دون حزبيات مقيتة، أو بدعيات محدثة؛ بل تعاوناً شرعياً قائماً على الدليل.
والدعوة السلفية المباركة أبعد ما تكون عن الصِّدَام مع حُكَّام المسلمين -وإن جاروا وظلموا-؛ بل تنصح لهم وترفق بهم وتدعو لهم؛ كما قال الإمام الفُضَيل بن عِيَاض -رحمه الله- وغيره: لو كانت عندي دعوة مستجابة لدعوت بها للسلطان؛ لأن بصلاحه صلاح الأمة.
فالسلفيون الأصفياء -لا الأدعياء!- لا يُهيّجون الناسَ، ولا يُثوِّرون العامَّة على حكّامهم؛ ليصلوا إلى أهداف مُعيّنة!!

فالأمن والأمان والإيمان: أصل أصول دعوتهم، وهم أكثر الناس -والواقع يشهدُ- نبذاً للعنف والتثوير والتهييج السياسي الذي أفسد البلاد والعباد،

وقال حفظه الله : أختُمُ كلامي هذا بِتِلْكُم النصيحةِ الغاليةِ -العزيزةِ-التي خَتَم بها فضيلةُ الشيخ ربيع بن هادي المدخلي -نفع الله بعلومه- ((أجوبته))-
؛ حيث قال -جزاه الله خيراً-:
((نصيحتي لطلابِ العلمِ، أنْ يعتصموا بالكتابِ والسنةِ، وأن ينضبطوا بمنهجِ السلفِ في كُلِّ ناحيةٍ مِن نواحي دينهم؛ وبخاصة في بابِ التكفيرِ والتفسيقِ والتبديعِ؛ حتى لا يكثُرَ الجدال والخصام في هذه القضايا.
وأُوصي الشبابَ السلفيَّ -خاصةً- بأن يجتنبوا الأسبابَ التي تثير الأضغان والاختلاف والتفرقَ، والأمور التي أبغضها اللهُ وحذّر منها،وحذّر منها الرسولُ الكريمُ -صلى الله عليه وسلم-، والصحابةُ الكرامُ، والسلفُ الصالحُ، وأن يجتهدوا في إشاعة أسباب المودّة والأُخوَّة فيما بينهم، والأمور التي يحبها الله ويحبها رسوله -صلى الله عليه وسلم-)).
أقولُ: فأين المتجاوبون مع كلامه؟!وأين المؤتلفون مع قصدهِ ومرامهِ؟!
وقال حفظه الله : خاتماً هذا المقال -الذي أسألُ ربِّي أنْ ينفعَ به- بكلمةٍ ذهبيَّةٍ لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي -أيّدهُ اللهُ- في كتابِه «أهل الحديث هم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية» (ص101)؛ قال:
«إنَّنِي أُوَجِّهُ نصيحةً مُخْلِصَةً للشَّبابِ المُسلم:
1- أن يكونَ مِن أولِ مزاياه: حبُّ الحقّ، والإلحاحُ في البحثِ عنه، ونصرتُه.
2- وأن يهدأ ويستريحَ مِن العيشِ في دوامةِ العواطفِ العمياء، والتعصُّب المَقِيت لهذا الشخص، أو ذاك، فإنَّ هذا الأسلوبَ يُدْخِلُهُ في عِداد مَن قال اللهُ فيهم:
{ولو عَلِمَ اللهُ فيهم خيراً لأسْمَعَهُم ولو أسْمَعَهُم لتَوَلَّوْا وهُم مُعرِضون}»...

*- وقال الشيخ علي في حق الشيخ ربيع ما نصه : لذا؛ فمِن أجملِ (القول): ما نُقِلَ عن فضيلة الشيخ ربيع بن هادي -وفَّقَهُ اللهُ-: «لا تُقَلِّدُونِي، ورُدُّوا عَلَيَّ خَطَئي، وانْصَحُونِي».
فجزاهُ اللهُ خيراً، وزادَهُ فضلاً وبِرًّا.

أمَّا أهلُ البدع -لا سيَّما الحاقدون منهم- فإنَّهم -لحرصهم على إسقاط أهل السُّنَّة- يفرحون بمثل هذه السقطات التي لا يسلَمُ منها أحد! ظناً منهم أنهم قد ظفروا بما يحلمون به ويتمنّونه؛ انتقاماً لسادتهم الذين خرجوا عن منهج أهل السُّنَّة -عقيدة وشريعة- مُتَعمِّدين لكثير مما خرجوا عنه.
فإذا ظفروا بشيء مِن الهفوات -التي لا تضرُّ- جعلوها في مصافِّ البدع الكبرى! وصوَّروها في صور الموبقات المهلكات!!!!

وأختم أخي الكريم حديثي بهذه المسألة
أخي وحبيبي في الله لا أعلم أحدا من مشايخ أو علماء الشام إلا وقد جرح أو شهر به في هذا العصر ، وهذا فيه تناقض واضح لأحاديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يزكي فيها الشام وأهله ، من تلك الأحاديث قوله عليه الصلاة والسلام " (( لا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللهِ ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ ، وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ )) ، قَالَ عُمَيْرٌ : فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ : قَالَ مُعَاذٌ : وَهُمْ بِالشَّأْمِ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ : وَهُمْ بِالشَّأْمِ .رواه البخاري
وقال ابن حوالة : فقلت : اختر لي يا رسول الله إن أدركني ذلك ، قال : (( أختار لك الشام ، فإنها صفوة الله عز وجل من بلاده ، فإليها يجتبي صفوته من عباده ، يا أهل الإسلام فعليكم بالشام ، فإنَّ صفوة الله عزَّ وجلَّ من الأرض الشام ، فمن أبى فليسق بغدر اليمن ، فإن الله عز وجل قد تكفل لي بالشام وأهله )) انظر فضائل الشام للألباني .
وقال صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِذَا فَسَدَ أَهْلُ الشَّامِ فَلا خَيْرَ فِيكُمْ ، لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ )) . وهناك أحاديث كثيرة بهذا الخصوص ولكن بهذا القدر
وسئل الألباني رحمه الله هل الطائفة المنصورة هي حصرا في بلاد الشام أم في العالم قاطبة ، قال رحمه الله لا شك أنها في العالم قاطبة وإن كان نصيب الأسد لبلاد الشام ،
أقول سبحان الله أصبح في هذه الأيام نصيب الأسد من غيبة وبهتان وقذف بالبدع لمشايخ وعلماء الشام كالشيخ علي الحلبي والشيخ مشهور حسن وغيرهما والله المستعان

وأخيرا : اسأل المولى تبارك وتعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وأن يجمعنا عند الحوض المورود نسقى منه شربة لا نظمـأ بعدها ابدا
وأن يجمعنا على منابر من نور اخوة متحابين في جلاله
وأن يجمعنا في الفردوس الأعلى مع سيد الخلق أجمعين عليه أفضل الصلاة والتسليم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوك في الله
أبو محمود – أحمد رزوق –
29-جماد الثاني- 1432هـ
الموافق 1-6-2011م 

http://www.a-quran.com/showthread.php?t=4497

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق